ما أحوج الناس إلى مطرة ... تزيل عنهم وضر الزيت «١»
فبلغ قوله محمدا فقال:
يأيها المأفون رأيا لقد ... عرّضت بي نفسك للموت «٢»
قيّرتم الملك فلم ننقه ... حتى غسلنا القار بالزيت «٣»
الزيت لا يزري بأحسابنا ... أحسابنا معروفة البيت
وقيل لابن أبي داود: لم لا تسأل حوائجك الخليفة بحضرة محمد بن عبد الملك؟
فقال: لا أحب أن أعلمه شأني.
[مقتل زيد ابن حسين:]
وقد حدث أبو القاسم جعفر، أن محمد الحسني قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابيّ، قال: حدثنا محمد بن نجيع النّوبختي، قال: حدثنا يحيى أنّ سليمان قال: حدثني أبي، وكان ممن لحق الصحابة، قال: دخلت الكوفة، فإذا أنا برجل يحدث الناس، فقلت: من هذا؟ قالوا: بكر بن الطرماح؛ فسمعته يقول: سمعت زيد بن حسين يقول: لما قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، أتى بنعيه إلى المدينة كلثوم بن عمرو، فكانت تلك الساعة التي أتى فيها أشبه بالساعة التي قبض فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، من باك وباكية، وصارخ وصارخة، حتى إذا هدأت عبرة البكاء عن الناس، قال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: تعالوا حتى نذهب إلى عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم، فننظر حزنها على ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام الناس جميعا حتى أتوا منزل عائشة رضي الله عنها، فاستأذنوا عليها، فوجدوا الخبر قد سبق إليها، وإذا هي في غمرة الأحزان وعبرة الأشجان، ما تفتر عن البكاء والنحيب منذ وقت سمعت بخبره، فلما نظر الناس إلى ذلك منها انصرفوا؛ فلما كان من غد قيل إنها غدت إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلم يبق في المسجد أحد من المهاجرين إلا استقبلها يسلم عليها،