كتب الوليد إلى الحجاج. أن صف لي سيرتك، فكتب إليه: إني أيقظت رأيي، وأنمت هواي، فأدنيت السيد المطاع في قومه، ووليت الحرب الحازم في أمره، وقلدت الخراج الموفّر لأمانته، وصرفت السيف إلى النّطف «١» المسيء، والثواب إلى المحسن البريء؛ فخاف المريب صولة العقاب، وتمسك المحسن بحظه من الثواب.
[الحجاج وقارىء]
قرأ الحجاج في سورة هود: قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ
«٢» ؛ فلم يدر كيف يقرأ: عمل بالضم والتنوين، أو عمل بالفتح؛ فبعث حرسيّا فقال: إيتني بقارىء. فأتى به وقد ارتفع الحجاج عن مجلسه، فحبسه ونسيه حتى عرض الحجاج حبسه بعد ستة أشهر؛ فلما انتهى إليه قال له: فيم حبست؟ قال:
في ابن نوح، أصلح الله الأمير! فأمر بإطلاقه.
[عبد الملك والحجاج وأنس:]
إبراهيم بن مرزوق قال: حدّثني سعيد بن جويرية قال: خرجت خارجة على الحجاج بن يوسف، فأرسل إلى أنس بن مالك يخرج معه، فأبى، فكتب إليه يشتمه، فكتب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان يشكوه وأدرج كتاب الحجاج في جوف كتابه.
قال إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر: بعث إليّ عبد الملك بن مروان في ساعة لم يكن يبعث إليّ في مثلها، فدخلت عليه وهو أشدّ ما كان حنقا وغيظا، فقال: يا إسماعيل: ما أشدّ عليّ أن تقول الرعية: ضعف أمير المؤمنين، وضاق ذرعه في رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم! لا يقبل له حسنة، ولا يتجاوز له عن سيئة، فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين قال أنس بن مالك: خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كتب إليّ يذكر أنّ