خيرا رأيت وكل ما أبصرته ... ستناله منّي برغم الحاسد
وتبيت بين خلاخلي ودمالجي ... وتجول بين مراسلي ومجاسدي «١»
فنكون أنعم عاشقين تعاطيا ... ملح الحديث بلا مخافة راصد
فلما مدت يدها لترمي إليه بالسحاءة، رفع الواثق رأسه فأخذ السحاءة من يدها، وقال لهما: ما هذه؟ فحلفا له أنه لم يجر بينهما قبل هذا كلام ولا كتاب ولا رسول غير اللحظ، إلا ان العشق قد خامرهما. فأعتقها وزوّجها منه، فلما أشهد له وتم النكاح، أقامها الواثق إلى بيت من بعض البيوت، فوقع بها ثم خرج فقال له: أردت أن تكشّخني «٢» فيها وهي خادمتي، فقد كشختك فيها وهي زوجتك!.
[يزيد ومسلمة في حبابة]
: قال: ولما كلف يزيد بحبابة واشتغل بها وأضاع الرعية، دخل عليه مسلمة أخوه فقال: يا أمير المؤمنين، تركت الظهور للعامّة، والشهود للجمعة، واحتجبت مع هذه الأمّة! فارعوي قليلا وظهر للناس؛ فأوصت حبابة إلى الاحوص أن يقول أبياتا يهوّن فيها على يزيد ما قال مسلمة؛ فقال وغنّت بها حبابة:
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا ... فقد منع المحزون أن يتجلدا
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجر- من يابس الصخر جلمدا
هل العيش إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنّان وفنّدا
فلما سمعها ضرب بجربّانه «٣» الارض وقال: صدقت صدقت؛ على مسلمة لعنة الله! ثم عاد إلى سيرته الاولى.