وكذلك كان الأصمعي. وقيل للأصمعي: ما يمنعك من قول الشعر؟ قال: نظري لجيّده.
وقيل للخليل: ما لك لا تقول الشعر؟ قال: الذي أريده لا أجده، والذي أجده لا أريده.
وقل لآخر: مالك تروي الشعر ولا تقوله؟ قال: لأني كالمسنّ: أشحذ ولا أقطع.
وقال الحسن بن هانيء: رويت أربعة آلاف شعر، وقلت أربعة آلاف شعر، فما رزأت «١» لشاعر شيئا.
[الرشيد والأصمعي:]
القاسم بن محمد السّلاميّ قال: حدثنا أحمد بن بشر الأطروش قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: أخبرني الأصمعي قال: تصرفت بي الأسباب «٢» إلى باب الرشيد مؤملا للظفر، بما كان في الهمة دفينا، أترقب به طالع سعد، فاتصل بي ذلك إلى أن صرت للحرس مؤانسا بما استملت به مودّتهم، فكنت كالضيف عند أهل المبرّة، فطرفهم متوجهة بإتحافي، وطاولتني الغايات بما كدت به أن أصير إلى ملالة، غير أني لم أزل محييا للأمل بمذاكرته عند اعتراض الفترة، وقلت في ذلك:
وأيّ فتى أعير ثبات قلب ... وساع ما تضيق به المعاني
تجاذبه المواهب عن إباء ... ألا بل لا تواتيه الأماني
فربّ معرّس لليأس أجلى ... عن الدّرك الحميد لدى الرّهان «٣»
وأيّ فتى أناف على سمو ... من الهمّات ملتهب الجنان
بغير توسّع في الصدر ماض ... على العزمات والعضب اليماني «٤»
فلم نبعد أن خرج علينا خادم في ليلة نثرت السعادة والتوفيق فيها الأرق بين