«٢» ؟ فمات رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومات الخلفاء الراشدون المهتدون المهديون، منهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان الشهيد المظلوم، ثم تبعهم معاوية؛ ثم وليكم البازل الذكر الذي جرّبته الأمور، وأحكمته التجارب مع الفقه وقراءة القرآن، والمروءة الظاهرة، واللين لأهل الحق، والوطء لأهل الزيغ؛ فكان رابعا من الولاة المهديين الراشدين؛ فاختار الله له ما عنده، وألحقه بهم، وعهد إلى شبهه في العقل والمروءة والحزم والجلد والقيام بأمر الله وخلافته؛ فاسمعوا له وأطيعوه.
أيها الناس؛ إياكم والزّيغ «٣» ؛ فإن الزيغ لا يحيق إلا بأهله، ورأيتم سيرتي فيكم، وعرفت خلافكم، وقبلتكم على معرفتي بكم؛ ولو علمت أنّ أحدا أقوى عليكم مني، أو أعرف بكم، ما وليتكم؛ فإياي وإياكم؛ من تكلم قتلناه؛ ومن سكت مات بدائه غما! ثم نزل.
[خطبة الحجاج]
لما أصيب بولده محمد وأخيه محمد:
أيها الناس، محمّدان في يوم واحد! أما والله لقد كنت أحبّ أنهما معي في الدنيا مع ما أرجو لهما من ثواب الله في الآخرة؛ وايم الله ليوشكن الباقي مني ومنكم أن يفنى، والجديد مني ومنكم أن يلي، والحيّ مني ومنكم أن يموت؛ وأن تدال الأرض منا كما أدلنا منها؛ فتأكل من لحومنا؛ وتشرب من دمائنا؛ كما مشينا على ظهرها، وأكلنا من ثمارها، وشربنا من مائها؛ ثم يكون كما قال الله: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ