أما بعد فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم ولا مسرّة بولايتي، ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة، ولقد رضت لكم نفسي على عمل ابن أبي قحافة، وأردتها على عمل عمر، فنفرت من ذلك نفارا شديدا؛ وأردتها مثل ثنيّات «١» عثمان، فأبت عليّ؛ فسلكت بها طريق لي ولكم فيه منفعة: مؤاكلة حسنة، ومشاربة جميلة؛ فإن لم تجدوني خيركم فإني خير لكم ولاية؛ والله لا أحمل السيف على من لا سيف له، وإن لم يكن منكم إلا ما يستشفى به القائل بلسانه، فقد جعلت ذلك له دبر أذني وتحت قدمي؛ وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فاقبلوا مني بعضه، فإن أتاكم مني خير فاقبلوه، فإن السيل إذا زاد عنّى، وإذا قلّ أغنى «٢» ؛ وإياكم والفتنة، فإنها تفسد المعيشة، وتكدّر النعمة. ثم نزل.
[خطبة أيضا لمعاوية]
حمد الله وأثنى عليه، ثم صلى على النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس، إنا قدمنا عليكم، وإنما قدمنا على صديق مستبشر، أو على عدو مستتر، وناس بين ذلك ينظرون وينتظرون فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ
«٣» ولست واسعا كلّ الناس؛ فإن كانت محمدة فلا بدّ من مذمة، فلونا هونا إذا ذكر غفر؛ وإياكم والتي إن أخفيت أو بقت، وإن ذكرت أوثقت. ثم نزل.
[وخطبة أيضا لمعاوية]
صعد منبر المدينة، فحمد الله وأثنى، ثم قال:
يا أهل المدينة، إني لست أحب أن تكونوا خلقا كخلق العراق؛ يعيبون الشيء وهم فيه، كل امرىء منهم شيعة نفسه، فاقبلونا بما فينا فإن ما وراءنا شرّ لكم، وإن