للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قليل الحركات، حسن الإشارات، حلو الشمائل، كثير الطّلاوة، صموتا قئولا، يهنأ الجرب، ويداوي الدّبر «١» ، ويقلّ المحزّ، ويطبّق المفصل. لم يكن بالزّمر «٢» في مروءته، ولا بالهذر «٣» في منطقه، متبوعا غير تابع.

كأنه علم في رأسه نار «٤»

[الرشيد وسهل بن هارون:]

دخل سهل بن هارون على الرشيد، فوجده يضاحك ابنه المأمون، فقال: اللهم زده من الخيرات، وابسط له في البركات، حتى يكون كلّ يوم من أيامه موفيا على أمسه، مقصّرا عن غده. فقال له الرشيد: يا سهل، من روى من الشعر أحسنه وأجوده، ومن الحديث أصحّه وأبلغه، ومن البيان أفصحه وأوضحه، إذا رام أن يقول لم يعجزه؟ قال سهل: يا أمير المؤمنين، ما ظننت أحدا تقدّمني سبقني إلى هذا المعنى. فقال: بل أعشى همدان حيث يقول:

وجدتك أمس خير بني لؤيّ ... وأنت اليوم خير منك أمس

وأنت غدا تزيد الخير ضعفا ... كذاك تزيد سادة عبد شمس

[المأمون وسهل ابن هارون:]

وكان المأمون قد استثقل سهل بن هارون، فدخل عليه يوما والناس عنده على منازلهم، فتكلم المأمون بكلام ذهب فيه كل مذهب، فلما فرغ أقبل سهل بن هارون على ذلك الجمع فقال: مالكم تسمعون ولا تعون، وتفهمون ولا تعجبون، وتعجبون ولا تصفون؟ أما والله إنه ليقول ويفعل في اليوم القصير مثل ما قالت وفعلت بنو مروان في الدهر الطويل، عربكم كعجمهم، وعجمهم كعرب بني تميم؛ ولكن كيف يشعر بالدواء من لا يعرف الداء؟ قال: فرجع له المأمون إلى رأيه الأول.