ومطرّف يريان التورية، وكان سعيد بن جبير لا يرى ذلك؛ فلما قدّم له الشعبي قال:
أكافر أنت أم مؤمن؟ قال: أصلح الله الأمير، نبا بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب «١» ، واستحلسنا «٢» الخوف، واكتحلنا السهر، وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء. قال الحجاج: صدق والله، ما برّوا بخروجهم علينا ولا قووا، خلّيا عنه.
ثم قدّم إليه مطرّف بن عبد الله، فقال ل: أكافر أنت أم مؤمن؟ قال: أصلح الله الأمير، إن من شق العصا، ونكث البيعة، وفارق الجماعة، وأخاف المسلمين- لجدير بالكفر. فقال: صدق، خليا عنه.
ثم أتي بسعيد بن جبير، فقال له: أنت سعيد بن جبير؟ قال: نعم. قال: لا، بل شقي ابن كسير! قال: أمي أعلم باسمي منك. قال: شقيت وشقيت أمّك. قال:
الشقاء لأهل النار! قال: أكافر أنت أم مؤمن؟ قال: ما كفرت بالله منذ آمنت به.
قال: اضربوا عنقه.
[موت الحجاج]
مات الحجاج في آخر أيام الوليد بن عبد الملك؛ فتفجّع عليه وولّى مكانه يزيد ابن أبي مسلم كاتب الحجاج، فاكتفى وجاوز؛ فقال الوليد: مات الحجاج ووليت مكانه يزد بن أبي مسلم، فكنت كمن سقط منه درهم فأصاب دينارا.
وكان الوليد بن عبد الملك يقول: ألا إن أمير المؤمنين عبد الملك كان يقول:
الحجاج جلدة ما بين عيني وأنفي؛ وأنا أقول: إنه جلدة وجهي كله.
[عمر بن عبد العزيز وموت الحجاج:]
ولما بلغ عمر بن عبد العزيز موت الحجاج خرّ ساجدا؛ وكان يدعو الله أن يكون