ثم قدّم إليه رجل، فقال له: على دين من أنت؟ قال: على دين إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. فقال: اضربوا عنقه.
ثم قدّم آخر، فقال له: على دين من أنت؟ قال: على دين أبيك الشيخ يوسف! فقال: أما والله لقد كان صوّاما قوّاما، خلّ عنه يا غلام! فلما خليّ عنه انصرف إليه فقال له: يا حجاج، سألت صاحبي: على دين من أنت؟ فقال: على دين إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين؛ فأمرت به فقتل؛ وسألني: على دين من أنت؟ فقلت:
على دين أبيك الشيخ يوسف، فقلت: أما والله لقد كان صوّاما قوّاما؛ فأمرت بتخلية سبيلي؛ والله لو لم يكن لأبيك من السيئات إلا أنه ولد مثلك لكفاه! فأمر به فقتل.
ثم أتي بعمران بن عصام العنزي، فقال: عمران! قال: نعم. قال: ألم أوفدك على أمير المؤمنين ولا يوفد مثلك؟ قال: بلى. قال: ألم أزوّجك مارية بنت مسمع سيدة قومها ولم تكن لها أهلا؟ قال: بلى. قال: فما حملك على الخروج علينا؟ قال: أخرجني باذان. قال: فأين كنت من حجة أهلك؟ قال: أخرجني باذان. فأمر رجلا فكشف العمامة عن رأسه، فإذا هو محلوق؛ قال: ومحلوق أيضا؟ لا أقالني الله إن لم أقتلك! فأمر به فضرب عنقه، فسأل عبد الملك بعد ذلك عن عمران بن عصام، فقيل له:
قتله الحجاج. فقال ولم؟ قال: بخروجه مع ابن الأشعث. قال: ما كان ينبغي له أن يقتله بعد قوله [فيه] :
وبعثت من ولد الأغرّ معتّب ... صقرا يلوذ حمامه بالعوسج «١»
فإذا طبخت بناره أنضجتها ... وإذا طبخت بغيرها لم تنضج
وهو الهزبر، إذا أراد فريسة ... لم ينجها منه صريخ الهجهج «٢»
ثم أتي بعامر الشعبي ومطرف بن عبد الله الشّخّير، وسعيد بن جبير؛ وكان الشعبي