للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الحركة والنوم مع الطعام]

ومن أكل الطعام بعد حركة كافية وأخذه على حاجة من البدن إليه، وافى الطعام الحركة الغريزية قد اشتعلت. ومن تناول طعاما من غير حركة وأخذه مع غير حاجة من البدن إليه، وافى الطعام الحركة الغريزية خامدة بمنزلة النار الكامنة في الزناد.

ومن أتبع الطعام بنوم، بطنت الحرارة الغريزية فيه فاجتمعت في باطن البدن فهضمت طعامه. ومن أتبع الطعام بحركة، انحدر عن معدته غير منهضم وانبث في العروق غير مستحكم، فأحدث سددا وعللا في الكبد والكلى وسائر الأعضاء.

وربما كانت الأطعمة لضعف المعدة تطفو فيها وتصير في أعلاها، فلا تأمره بالنوم حتى ينحدر الطعام عن المعدة بعض الانحدار ويصير في قعر المعدة. وربما أمرنا بحركة يسيرة كما ذكرنا آنفا، لانحدار الطعام عن المعدة بعض الانحدار.

وإن أكثر الشراب منع الطعام من الانهضام، لأنه يحول فيما بين جرم»

المعدة وبين الطعام، وإذا لم تلق المعدة الطعام لم تحله إلى مشاكلة البدن وموافقته، فيبقى فيها غير منهضم. فيجب لذلك على من أخذ الطعام أن يتناول معه من الشراب ما يسكن به حرّ العطش ويصبر على قدر احتماله من العطش، ويصبر حتى ينهضم، ثم يتناول بعد ذلك من الشراب ما أحب، فإنه بعد ذلك يعين على انحدار الطعام وترقيقه لتنفيذه في المجاري الدّقاق.

ويجب أيضا أن يكون أخذه للطعام في وقت حركة الشهوة؛ وذلك أنه إذا تحركت الشهوة ولم يبادر بأخذ الطعام، اجتذبت المعدة من فضول البدن ما إذا صار في المعدة أبطل الشهوة، وأفسد الطعام إذا خالطه.

[الأوقات التي يصلح فيها الطعام]

أجود الأوقات كلها للطعام الأوقات الباردة. لجمعها الحرارة في باطن البدن فأما الأوقات الحارة فينبغي أن يجتنب أخذ الطعام فيها، لأن حرارة الهواء تجذب الحرارة