وأتى وكيع بن الجراح رجل يمت إليه بحرمة، فقال له: وما حرمتك؟ قال له:
كنت تكتب من محبرتي عند الأعمش. فوثب وكيع ودخل منزله، ثم أخرج له بضعة دنانير، وقال له: اعذر فما أملك غيرها.
[وفي الأقلام]
أهدى ابن الحرون إلى رجل من إخوانه من الكتّاب أقلاما؛ فكتب إليه:
إنه لما كانت الكتابة- أبقاك الله- أعظم الأمور، وقوام الخلافة، وعمود المملكة؛ خصصتك من آلتها بما يخفّ محمله، وتثقل قيمته، ويعظم نفعه ويجلّ خطره؛ وهي أقلام من القصب النابت في الصّحر «١» الذي نشف في حر الهجير ماؤه، وستره من تلويحه غشاؤه؛ فهي كاللآليء المكنونة في الصّدف، والأنوار المحجوبة في السّدف: تبرية القشور دريّة الظهور، فضية الكسور؛ قد كستها الطبيعة جوهرا كالوشي المحبر، وفرند «٢» الديباج المنيّر.
[قولهم في الصحف]
نعم الأنيس إذا خلوت كتاب ... تلهو به إن ملّك الأحباب
لا مفشيا سراّ إذا استودعته ... وتفاد منه حكمة وصواب