وافقت سخط الله، وإن لم أنفذها خشيت على دمي؟ فقال له الحسن: هذا عندك، الشعبيّ فقيه الحجاز. فسأله فرقّق له الشعبيّ وقال له: قارب وسدّد، فإنما أنت عبد مأمور، ثم التفت ابن هبيرة إلى الحسن وقال: ما تقول يا أبا سعيد؟ فقال الحسن: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله. يا بن هبيرة، إن الله مانعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله. يا بن هبيرة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فانظر ما كتب إليك فيه يزيد فاعرضه على كتاب الله تعالى، فما وافق كتاب الله تعالى فأنفذه، وما خالف كتاب الله فلا تنفذه؛ فإن الله أولى بك من يزيد، وكتاب الله أولى بك من كتابه. فضرب ابن هبيرة بيده على كتف الحسن وقال: هذا الشيخ صدقني وربّ الكعبة. وأمر للحسن بأربعة آلاف، وللشعبي بألفين؛ فقال الشعبي:
رققنا فرقق لنا. فأما الحسن فأرسل إلى المساكين، فلما اجتمعوا فرّقها، وأما الشعبي فإنه قبلها وشكر عليها.
[معاوية والأحنف في استخلاف يزيد]
: ونظير هذا: قول الأحنف بن قيس لمعاوية حين شاوره في استخلاف يزيد.
فسكت عنه، فقال: مالك لا تقول؟ فقال: إن صدقناك أسخطناك، وإن كذبناك أسخطنا الله، فسخط أمير المؤمنين أهون علينا من سخط الله! فقال له: صدقت.
[كتاب أبي الدرداء إلى معاوية]
: وكتب أبو الدرداء إلى معاوية: أما بعد. فإنه من يلتمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
[كتاب عائشة إلى معاوية]
: وكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية: أما بعد فإنه من يعمل بمساخط الله يصر حامده من الناس ذامّا له. والسلام.