ليس السّماح لمكثر في قومه ... لكن لمقتر قومه المتحّمد
[لأبي هريرة في جعفر بن أبي طالب]
: وقال أبو هريرة: ما وددت أن أحدا ولدتني أمّه إلا أم جعفر بن أبي طالب؛ تبعته ذات يوم وأنا جائع، فلما بلغ الباب التفت فرآني، فقال لي: ادخل، فدخلت؛ ففكّر حينا فما وجد في بيته شيئا إلا نحيا «١» كان فيه سمن مرّة، فأنزله من رف لهم، فشقّه بين أيدينا، فجعلنا نلعق ما كان فيه من السمن والزيت، وهو يقول:
ما كلّف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلّا بما تجد
وقيل بعض الحكماء: من أجود الناس؟ قال: من جاد من قلّة، وصان وجه السائل عن المذلّة.
وقال حماد عجرد:
أورق بخير تؤمّل للجزيل فما ... ترجى الثّمار إذا لم يورق العود
إنّ الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنياّ وهو مجهود
بثّ النّوال ولا تمنعك قلّته ... فكلّ ما سدّ فقرا فهو محمود «٢»
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
وقال حاتم:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ... ويخصب عندي والمحلّ جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ... ولكنّما وجه الكريم خصيب