للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر:

العلم يحيى قلوب الميّتين كما ... تحيا البلاد إذا ما مسّها المطر

والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه ... كما يجلّي سواد الظّلمة القمر

وقال بعض الحكماء: اقصد من أصناف العلم إلى ما هو أشهى لنفسك، وأخف على قلبك؛ فإنّ نفاذك فيه، على حسب شهوتك له وسهولته عليك.

[فضيلة العلم]

[لعلي بن أبي طالب:]

حدثنا أيوب بن سليمان قال: حدثنا عامر بن معاوية عن أحمد بن عمران الأخنس عن الوليد بن صالح الهاشمي، عن عبد الله بن عبد الرحمن الكوفي، عن أبي مخنف، عن كحيل النّخعي، قال: أخذ بيدي عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، فخرج بي إلى ناحية الجبّانة، فلما أصحر «١» تنفّس الصّعداء، ثم قال: يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها فاحفظ عني ما أقول لك:

الناس ثلاثة: عالم ربّاني، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كلّ ناعق، مع كلّ ريح يميلون، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.

يا كميل، العلم خير من المال: العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، ومنفعة المال تزول بزواله.

يا كميل، محبة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، والعلم حاكم والمال محكوم عليه.

يا كميل، مات خزّان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة ها إن ها هنا لعلما جمّا- وأشار بيده إلى صدره- لو وجدت له حملة، بلى أجد لقنا «٢» غير مأمون عليه، يستعمله آلة الدين