ابن الكلبي قال: وقفت نائلة بنت الفرافصة الكلبية على قبر عثمان فترحمت عليه ثم قالت:
ومالي لا أبكي وتبكي صحابتي ... وقد ذهبت عنا فضول أبي عمرو
ثم انصرفت إلى منزلها، فقالت: إني رأيت الحزن يبلي كما يبلى الثوب، وقد خفت أن يلى حزن عثمان في قلبي! فدعت بفهر «١» فهمشت فاها وقالت: والله لا قعد مني رجل مقعد عثمان أبدا!
[الراثون على قبر الإسكندر:]
لما هلك الإسكندر: قامت الخطباء على رأسه، فكان من قولهم: الإسكندر كان أمس، أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس!
[لأبي العتاهية في ابن له:]
أخذ هذا المعنى أبو العتاهية. فقال عند دفنه ولدا له:
كفى حزنا بدفنك ثم إني ... نفضت تراب قبرك من يديّا
وكنت وفي حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حيّا
[لأبي ذر في مثله:]
وقف أبو ذرّ الهمداني على قبر ابنه ذرّ، فقال: يا ذرّ، شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، فليت شعري ما قلت وما قيل لك! ثم قال: اللهم إني قد وهبت لك إساءته إليّ، فهب له إساءته إليك! فلما انصرف عنه التفت إلى قبره فقال: يا ذرّ، قد انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك!