خيل تناتجت، وعطايا تلاحقت، وسهام تتابعت. قال: فقبضها مني، فلما صليت الصبح استغفرت لأمير المؤمنين. فقال لي بعد ذلك: ألا تعمل؟ قلت لا. قال: قد عمل من هو خير منك يوسف صلوات الله عليه. قلت: يوسف نبيّ وأنا ابن أميمة، أخشى أن يشتم عرضي، ويضرب ظهري، وينزع مالي.
قال: ثم دعا عمر الحارث بن وهب، فقال: ما قلاص وأعبد بعتها بمائتي دينار؟
قال: خرجت بنفقة معي فتجرت فيها. فقال: أما والله ما بعثناكم لتتّجروا في أموال المسلمين، أدّها. فقال: أما والله لا عملت عملا بعدها! قال: انتظر حتى أستعملك!
[بين عمر بن الخطاب وابن العاص]
: وكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص. وكان عامله على مصر: من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، سلام عليك، أما بعد. فإنه بلغني أنه فشت لك فاشية «١» من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك.
فاكتب إليّ من أين أصل هذا المال ولا تكتمه.
فكتب إليه: من عمرو بن العاص إلى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإنه أتاني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي، وأنه يعرفني قبل ذلك لا مال لي. وإني أعلم أمير المؤمنين أني بأرض السّعر فيه رخيص، وأني أعالج من الحرفة والزراعة ما يعالج أهله، وفي رزق أمير المؤمنين سعة. والله لو رأيت خيانتك حلالا ما خنتك؛ فأقصر أيها الرجل، فإن لنا أحسابا هي خير من العمل لك، إن رجعنا إليها عشنا بها.
ولعمري إن عندك من لا يذم معيشته ولا تذم له [وذكرت أن عندك من المهاجرين الأولين من هو خير مني]«٢» فأنّى كان ذلك ولم يفتح قفلك ولم نشركك في عملك؟