قال: فكتبت إليّ في طومار «١» كبير ليس فيه إلا: بسم الله الرحمن الرحيم، [في أوّله] وفي آخره: يا كذاب، وسائر الكتاب أبيض، قال: فوجهت الكتاب إلى ذي الرياستين الفضل بن سهل. وكتبت إليها كتابا على نحو ما كتبت، ليس فيه إلا: بسم الله الرحمن الرحيم، في أوله، وفي آخره أقول:
فودّعتها يوم التفرّق ضاحكا ... إليها ولم أعلم بأن لا تلاقيا
فلو كنت أدري أنه آخر الّلقا ... بكيت وأبكيت الحبيب المصافيا
قال: فكتبت إليّ كتابا آخر ليس فيه إلا: بسم الله الرحمن الرحيم، في أوله، وفي آخره: أعيذك بالله أن يكون ذلك! فوجهته إلى ذي الرياستين الفضل بن سهل فأشخصني «٢» إلى بغداد وصيّرني إلى ديوان الضياع.
[ابن يحيى وجاريتان:]
محمد بن يزيد الرّبعي عن الزبير عن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل قال:
إنه لما نفاه المتوكل إلى جزيرة أقريطش»
فطال مقامه بها، تمتّع بجارية رائعة الجمال بارعة الكمال، فأنسته ما كان فيه من رونق الخلافة وتدبيرها، وكان قبل ذلك متيّما بجارية خلفها بالعراق، فسلا عنها؛ فبينما هو مع الأقريطشيّة في سرور وحبور، يحلف لها أنه لا يفارق البلد ما عاش، إذ قدم عليه كتاب جاريته من العراق وفيه مكتوب:
كيف بعدي لا ذقتم النوم أنتم ... خبروني مذ بنت عنكم وبنتم «٤»
بمراض الجفون من خرّد العين ... وورد الخدود بعدي فتنتم «٥»