وأحسب نفسي على ما ترى ... ستلقى من الهجر همّا طويلا
وأحسب قلبي على ما أرى ... سيذهب سنّي قليلا قليلا!
ثم ترك يدي ومضى:
وحكى أبو العباس المبرد قال: دخل عمرو بن مسعدة على المأمون وبين يديه جام «١» زجاج فيه سكر طبرزد وملح جريش؛ قال: فسلمت، فرد وعرض عليّ الأكل؛ فقلت: ما أريد شيئا، هنّأك الله يا أمير المؤمنين، فلقد باكرت بالغداء فإني بتّ جائعا. ثم أطرق ورفع رأسه وهو يقول:
اعرض طعامك وابذله لمن دخلا ... واحلف على من أبى، واشكر لمن أكلا
فلا تكن سابريّ العرض محتشما ... من القليل، فلست الدهر محتفلا «٢»
ودعا برطل؛ ودخل رجل من أجلة الفقهاء، فمد يده إليه، فقال؛ والله يا أمير المؤمنين ما شربتها ناشئا، فلا تسقنيها شيخا! فردّ يده إلى عمرو بن مسعدة فأخذها منه، وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله! إني عاهدت الله في الكعبة أن لا أشربها أبدا! ففكر طويلا؛ والكأس في يد عمرو بن مسعدة، حتى لقد ظن أنه سيأمر فيها؛ ثم قال:
ردّا عليّ الكأس إنّكما ... لا تعلمان الكأس ما تجدي
لو ذقتما ما ذقت ما امتزجت ... إلا بدمعكما من الوجد «٣»
خوفتماني الله ربّكما ... وكخيفتيه رجاؤه عندي
إن كنتما لا تشربان معي ... خوف العقاب شربتها وحدي!
[ابن أوس ومان في غلام]
: محمد بن يزيد الأسدي قال: حدّثني حبيب بن أوس قال: كنت في غرفة لي على