تحصّنوا إذ عاينوا الأهوالا ... بمعقل كان لهم عقالا
وصخرة كانت عليهم صيلما ... وانقلبوا منها إلى جهنما «١»
تساقوا يستطعمون الماء ... فأخرجت أرواحهم ظماء
فكم لسيف الله من جزور ... في مأدب الغربان والنّسور «٢»
وكم به قتلى من القساوس ... تندب للصّلبان والنّواقس
ثم ثنى عنانه الأمير ... وحوله التّهليل والتّكبير
مصمّما بحرب دار الحرب ... قدّامه كتائب من عرب
فداسها وسامها بالخسف ... والهتك والسّفك لها والنّسف
فحرّقوا ومزّقوا الحصونا ... وأسخنوا من أهلها العيونا
فانظر عن اليمين واليسار ... فما ترى إلا لهيب النار
وأصبحت ديارهم بلاقعا ... فما ترى إلا دخانا ساطعا «٣»
ونصر الإمام فيها المصطفى ... وقد شفى من العدوّ واشتفى
[غزوة سنة تسع وثلاثمائة]
وبعدها كانت غزاة طرّش ... سمت إليها جيشه لم ينهش «٤»
وأحدقت بحصنها الأفاعي ... وكلّ صلّ أسود شجاع «٥»
ثم بنى حصنا عليها راتبا ... يعتور القوّاد فيه دائبا
حتى أنابت عنوة جنّانها ... وغاب عن يافوخها شيطانها
فأذعنت لسيّد السادات ... وأكرم الأحياء والأموات
خليفة الله على عباده ... وخير من يحكم في بلاده