أضحك الله سنك؛ ما الذي أضحكك؟ قال: من حضور ذهنك يوم بارزت علياّ إذ اتّقيته بعورتك؛ أما والله لقد صادفت منّانا كريما؛ ولولا ذلك لخرم رفغيك «١» بالرمح. قال عمرو بن العاص: أما والله إني عن يمينك إذ دعاك إلى البراز، فاحولّت عيناك، وربا سحرك «٢» وبدا منك ما أكره ذكره لك.
وذكر عمرو بن العاص عند علي بن أبي طالب؛ فقال فيه علي: عجبا لابن النابغة يزعم أني بلقائه أعافس «٣» وأمارس، أما وشرّ القول أكذبه، إنه يسأل فيلحف ويسأل فيبخل؛ فإذا احمر البأس وحمى الوطيس وأخذت السيوف مأخذها من هام الرجال، لم يكن له هم إلا نزعه ثيابه ويمنح الناس استّه أغصه الله وترّحه.
[مقتل عمار بن ياسر]
العتبي قال: لما التقى الناس بصفين، نظر معاوية إلى هاشم بن عتبة، الذي يقال له المرقال لقول النبي صلّى الله عليه وسلم أرقل ليمون، وكان أعور، والراية بيده وهو يقول:
أعور يبغي نفسه محلّا ... قد عالج الحياة حتى ملّا
لا بدّ أن يفلّ أو يفلّا
فقال معاوية لعمرو بن العاص: يا عمرو، هذا المرقال؛ والله لئن زحف بالراية زحفا إنه ليوم أهل الشام الأطول، ولكني أرى ابن السوداء إلى جنبه- يعني عمّارا- وفيه عجلة في الحرب، وأرجو أن تقدمه إلى الهلكة.
وجعل عمار يقول: أبا عتبة تقدّم، فيقول: يا أبا اليقظان، أنا أعلم بالحرب منك، دعني أزحف بالراية زحفا. فلما أضجره وتقدم، أرسل معاوية خيلا فاختطفوا عمارا، فكان يسمى أهل الشام قتل عمار فتح الفتوح.