واجتمعت إليه أخلاط الكور ... وغاب ذو التّحصيل عنه والنظر «١»
حتى إذا أوغل في العدوّ ... فكان بين البعد والدّنوّ
أسلمه أهل القلوب القاسيه ... وأفردوه للكلاب العاويه
فاستشهد القائد في أبرار ... قد وهبوا نفوسهم للباري
في غير تأخير ولا فرار ... إلا شديد الضرب للكفار
[سنة ست وثلاثمائة]
قم أقاد الله من أعدائه ... وأحكم النصر لأوليائه
في مبدأ العام الذي من قابل ... أزهق فيه الحقّ نفس الباطل
فكان من رأي الإمام الماجد ... وخير مولود وخير والد
أن احتمي للواحد القهّار ... وفاض من غيظ على الكفّار
فجمع الأجناد والحشودا ... ونفّر السيّد والمسودا
وحشر الأطراف والثّغورا ... ورفض الّلذّة والحبورا «٢»
حتى إذا ما وافت الجنود ... واجتمع الحشّاد والحشود
قوّد بدرا أمر تلك الطائفة ... وكانت النفس عليه خائفه
فسار في كتائب كالسّيل ... وعسكر مثل سواد الليل
حتى إذا حلّ على مطنيّه ... وكان فيها أخبث البرّيه «٣»
ناصبهم حربا لها شرار ... كأنما أضرم فيها النار
وجدّ من بينهم القتال ... وأحدقت حولهم الرجال
فحاربوا يومهم وباتوا ... وقد نفت نومهم الرّماة
فهم طوال الليل كالطّلائح ... جراحهم تنغل في الجوارح «٤»
ثم مضوا في حربهم أيّاما ... حتى بدا الموت لهم زؤاما