للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسير: بأبي أنت وأمي، أشهد أن لقيس الرّقيات منها خمسين ألفا. قال: ولم؟ قال:

لقوله فيك:

إنّما مصعب شهاب من الله ... تجلّت عن وجهه الظّلماء

ملكه ملك رحمة ليس فيه ... جبروت يخشى ولا كبرياء

يتّقي الله في الأمور وقد أف ... صلح من همه الاتّقاء

فضحك مصعب وقال: أرى فيك موضعا للصنيعة. وأمر بلزومه وأحسن إليه؛ فلم يزل معه حتى قتل.

[عبد الملك ورجل أمر بقتله:]

أمر عبد الملك بقتل رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك أعزّ ما تكون أحوج ما تكون إلى الله. فعفا عنه.

[الحجاج وأسرى من الخوارج:]

أتي الحجاج بأسرى من الخوارج، فأمر بضرب أعناقهم فقدم فيهم شاب فقال:

والله يا حجاج لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو. فقال: أفّ لهذه الجيف.

ما كان فيهم من يقول مثل هذا؟ وأمسك عن القتل.

وأتي الحجاج بأسرى، فأمر بقتلهم، فقال له رجل منهم: لا جزاك الله يا حجاج عن السّنّة خيرا؛ فإن الله تعالى يقول: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً

«١» . فهذا قول الله في كتابه.

وقد قال شاعركم فيما وصف به قومه من مكارم الأخلاق:

وما نقتل الأسرى ولكن نفكّهم ... إذا أثقل الأعناق حمل القلائد

فقال الحجاج: ويحكم! أعجزتم أن تخبروني بما أخبرني هذا المنافق؟ وأمسك عمن بقي.