ثم قال للمطرّف: أتقر على نفسك بالكفر؟ قال: أصلح الله الأمير، إن من شق العصا، وسفك الدماء، ونكث البيعة، وفارق الجماعة، وأخاف المسلمين لجدير بالكفر. فخلّى سبيله.
ثم قال لسعيد بن جبير: أتقرّ على نفسك بالكفر؟ قال: ما كفرت منذ آمنت بالله. فضرب عنقه.
ثم استعرض الأسرى، فمن أقرّ بالكفر خلّى سبيله، ومن أبى قتله، حتى أتي بشيخ وشاب، فقال للشاب: أكافر أنت؟ قال: نعم، قال: لكن الشيخ لا يرضى بالكفر. فقال له الشيخ: أعن نفسي تخادعني يا حجاج؟ والله لو علمت أعظم من الكفر لقلته. فضحك الحجاج وخلّى سبيله.
فلما مات الحجاج وقام سليمان، قال الفرزدق:
لئن نفّر الحجّاج آل معتّب ... لقوا دولة كان العدوّ يدالها
لقد أصبح الأحياء منهم أذلة ... وموتاهم في النّار كلحا سبالها «١»
وكانوا يرون الدائرات بغيرهم ... فصار عليهم بالعذاب انفتالها
ألكني إلى من كان بالصّين أو رمى ... به الهند ألواح عليها جلالها «٢»
هلمّ إلى الإسلام والعدل عندنا ... فقدمات عن أهل العراق خبالها «٣»
[سليمان بن عبد الملك وابن الرقاع:]
لما ولي سليمان بن عبد الملك كتب إلى عامله بالأردن: اجمع يدي عديّ بن الرقاع إلى عنقه، وابعث به إليّ على قتب بلا وطاء، ووكّل به من ينخس به ففعل ذلك.
فلما انتهى إلى سليمان بن عبد الملك ألقى بين يده إلقاء لا روح فيه، فتركه حتى ارتدّ إليه روحه، ثم قال له: أنت أهل لما نزل بك. ألست القائل في الوليد: