مستحقا. قال: يا أمير المؤمنين، وكيف لا أكون مستحقا في منزلتي وقرابتي؟ قال:
قرأت القرآن؟ قال. لا! قال: ادن مني. فدنا منه؛ فنزع العمامة عن رأسه بقضيب في يده، ثم قرعه «١» به قرعة، وقال لرجل من جلسائه: ضمّ إليك هذا العلج «٢» ولا تفارقه حتى يقرأ القرآن. فقام إليه آخر فقال يا أمير المؤمنين، اقض ديني! فقال له:
أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. فاستقرأه عشرا من الأنفال وعشرا من براءة؛ فقرأ، فقال:
نعم، نقضي دينك وأنت أهل لذلك.
وركب الوليد بعيرا وحاد يحدو بين يديه، والوليد يقول:
يأيها البكر الذي أراكا ... ويحك تعلم الذي علاكا
خليفة الله الذي امتطاكا ... لم يحب بكر مثل ما حباكا
[ولاية سليمان بن عبد الملك]
أبو الحسن المدائني قال: ثم بويع سليمان بن عبد الملك في ربيع الأول سنة ست وتسعين.
ومات سنة تسع وتسعين بدابق يوم الجمعة لعشر خلون من صفر، وهو ابن ثلاث وأربعين، وصلى عليه عمر بن عبد العزيز. وكانت ولايته سنتين وعشرة أشهر ونصفا.
ولد سليمان بن عبد الملك بالمدينة في بني حديلة، ومات بدابق من أرض قنسرين وكان سليمان فصيحا جميلا وسيما، نشأ بالبادية عند أخواله بني عبس.
وكانت ولايته يمنا وبركة، افتتحها بخير وختمها بخير: فأما افتتاحه فيها بخير فردّ المظالم وأخرج المسجونين، وبغزاة مسلمة بن عبد الملك الصائفة حتى بلغ القسطنطينية؛ أما ختمها بخير فاستخلافه عمر بن عبد العزيز.