قال عليّ بن الجهم: دخلت يوما على المتوكل، فقال: يا علي! قلت: لبيك أمير المؤمنين. قال: دخلت الساعة إلى قبيحة، وقد كتبت على خدّها بالمسك اسمي، فو اللَّه ما رأيت سوادا في بياض أحسن منه في ذلك الخدّ؛ فقل فيه شعرا. فقلت: يا أمير المؤمنين، أمظلومة معي؟ قال: نعم. ومظلومة خلف الستارة، فدعت بدواة وبدرت بالقول، فقالت:
وكاتبة بالمسك في الخدّ «جعفرا» ... بنفسي مخطّ المسك من حيث أثرا
لئن أودعت سطرا من المسك خدّها ... لقد أودعت قلبي من الحبّ أسطرا
فيا من لمملوك تملّك مالكا ... مطيعا له فيما أسرّ وأظهرا
ويا من مناها في السرائر جعفر ... سقى اللَّه من صوب الغمامة جعفرا «١»
قال: وأفحمت فلم أنطق، وتغلبت على خواطري فما قدرت على حرف أقوله، فضحك أمير المؤمنين.
[الأصمعي والرشيد]
الأصمعي قال: دخلت على هارون أمير المؤمنين، وبين يديه جارية حسناء عليها لمّة «٢» جعدة، وذؤابة تضرب الحقو منها، وهلال بين عينيها مكتوب عليه بالذهب:
هذا ما عمل في طراز اللَّه! فقال: يا أصمعي، صفها، فأنشأت أقول: