للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقدر على أضحية؛ فقالت له: لا تغتم، فإنّ عندي ديكا عظيما قد سمّنته، فإذا كان يوم الأضحى ذبحناه. فبلغ جيرانه الخبر، فأهدوا له ثلاثين كبشا وهو في المصلى لا يعلم؛ فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي، قال لامرأته: من أين هذا؟

قالت: أهدى لنا فلان، وفلان، وفلان ... حتى سمت له جماعة. فقال لها: يا هذه، تحفّظي بديكنا هذا، فلهو أكرم على اللَّه من إسحاق بن إبراهيم؛ إنه فدى ذلك بكبش واحد، وفدى ديكنا هذا بثلاثين كبشا!

[نوادر أبي دلامة]

خرج أبو دلامة مع المهدي في مصاد لهم، فعنّ لهم ظبي، فرماه المهدي فأصابه، ورمى عليّ بن سليمان فأخطأ وأصاب الكلب؛ فضحك المهدي وقال لأبي دلامة: قل.

فقال:

قد رمى المهديّ ظبيا ... شكّ بالسهم فؤاده

وعليّ بن سليما ... ن رمى كلبا فصاده

فهنيئا لهما ك ... لّ امرىء يأكل زاده!

وكتب أبو دلامة إلى عيسى بن موسى، وهو والي الكوفة رقعة فيها هذه الأبيات:

إذا جئت الأمير فقل سلام ... عليك ورحمة اللَّه الرحيم

وأمّا بعد ذاك فلي غريم ... من الأعراب قبّح من غريم

لزوم ما علمت بباب داري ... لزوم الكلب أصحاب الرقيم

له مائة عليّ ونصف أخرى ... ونصف النصف في صكّ قديم

دراهم ما انتفعت بها ولكن ... حبوت بها شيوخ بني تميم

ودخل أبو دلامة على المهدي وعنده محمد بن الجهم وزيره، وكان المهديّ يستثقله، فقال لأبي دلامة: واللَّه لا تبرح مكانك حتى تهجو أحد الثلاثة! فهمّ أبو دلامة بهجاء ابن الجهم، خاف شرّه، فرأى أن هجاء نفسه أقل ضررا عليه، فقال:

ألا أبلغ لديك أبا دلامه ... فليس من الكرام ولا كرامه

إذا لبس العمامة كان قردا ... وخنزيرا إذا وضع العمامه