كأني وقد جاوزت سبعين حجة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
خليفة الله ماذا تأمرنّ بنا ... لسنا إليكم ولا في دار منتظر
ما زلت بعدك في همّ يؤرّقني ... قد طال في الحيّ إصعادي ومنحدري
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا ... ولا يعود لنا باد على حضر
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما نرجو من المطر
نال الخلافة إذ كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر
هذى الأرامل قد قضّيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر
فقال: يا جرير، والله لقد وليت هذا الأمر وما أملك إلا ثلاثمائة، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام أعطه المائة الباقية.
فقال: والله يا أمير المؤمنين، إنها لأحبّ مال إليّ كسبته. ثم خرج، فقالوا له: ما وراءك؟ قال ما يسوءكم! خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض. ثم أنشأ يقول:
رأيت رقى الشيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا
[وفود الحجاج بابراهيم بن محمد بن طلحة على عبد الملك بن مروان]
عمران بن عبد العزيز قال: لما ولي الحجاج بن يوسف الحرمين بعد قتله ابن الزبير، استخلص إبراهيم بن محمد بن طلحة فقرّبه وعظّم منزلته. فلم تزل تلك حاله عنده حتى خرج إلى عبد الملك بن مروان، فخرج معه معادلا، لا يقصّر له في برّ ولا إعظام، حتى حضر به عبد الملك. فلما دخل عليه لم يبدأ بشيء بعد السلام إلا أن قال له: قدمت عليك أمير المؤمنين برجل الحجاز، لم أدع له بها نظيرا في الفضل والأدب والمروءة وحسن المذهب، مع قرابة الرحم، ووجوب الحق، وعظم قدر الأبوّة، وما بلوت منه في الطاعة والنصيحة وحسن الموازرة، وهو إبراهيم بن محمد بن طلحة، وقد