فأنفسنا خير الغنيمة إنها ... تئوب ويبقى ماؤها وحياؤها
ولا برّ إلا دون ما برّ عامر ... ولكنّ نفسا لا يدوم بقاؤها
هو ابني أمسى أجره لي وعزّني ... على نفسه رب إليه ولاؤها
فإن أحتسب أوجر وإن أبكه أكن ... كباكية لم يحي ميتا بكاؤها «١»
[لهذيلية في رثاء إخوة وابن:]
الشيباني قال: كانت امرأة من هذيل، وكان لها عشرة إخوة وعشرة أعمام؛ فهلكوا جميعا في الطاعون؛ وكانت بكرا لم تتزوج؛ فخطبها ابن عم له فتزوّجها. فلم تلبث أن اشتملت على غلام فولدته، فنبت نباتا كأنما يمدّ بناصيته وبلغ، فزوّجته وأخذت في جهازه، حتى إذا لم يبق إلا البناء «٢» أتاه أجله، فلم تشقّ لها جيبا، ولم تدمع لها عين؛ فلما فرغوا من جهازه دعيت لتوديعه، فأكبّت عليه ساعة، ثم رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت:
ألا تلك المسرّة لا تدوم ... ولا يبقى على الدهر النعيم
ولا يبقى على الحدثان غفر ... بشاهقة له أمّ رءوم «٣»
ثم أكبت عليه أخرى، فلم تقطع نحيبها حتى فاضت نفسها، فدفنا جميعا.
[لشيبانية في حزنها على أهلها:]
خليفة بن خيّاط قال: ما رأيت أشدّ كمدا من امرأة من بني شيبان، قتل ابنها وأبوها وزوجها وأمها وعمتها وخالتها مع الضحاك الحروريّ؛ فما رأيتها قطّ ضاحكة ولا متبسمة حتى فارقت الدنيا، وقالت ترثيهم: