الله، لو دنوت فأصبت معنا! قال: قد والله فعلت. قال الكندي: ما بعد الله شيء! قال: فكنفه والله كتافا لو بسط يده لأكل بعده لكان كافرا! قال: ومررت ببعض طرق الكوفة، فإذا أنا برجل يخاصم جارا له، فقلت: ما بالكما؟ فقال احدهما: إن صديقا لي زارني واشتهى عليّ رأسا، فاشتريته له وتغدينا.
فأخذت عظمامه فوضعتها عند باب داري اتجمل بها عند جيراني، فجاء هذا وأخذها ووضعها على باب داره، يوهم الناس أنه هو الذي أكل الرأس.
[بخيل وولده]
قال رجل من البخلاء لولده: اشتروا لي لحما، فاشتروا له، وأمر بطبخه حتى تهرّأ، فأكل منه حتى انتهت نفسه [ولم يبق إلا العظم] ، وشرعت إليه عيون ولده، فقال: ما أنا مطعمه أحدا منكم إلا من أحسن صفة أكله! فقال الاكبر: أتعرّقه «١» يا أبت، حتى لا أدع للذرّة فيه مقيلا! قال: لست بصاحبه! فقال الاوسط: أتعرّقه يا أبت حتى لا يدرى ألعامه هو أم لعام أول! قال: لست بصاحبه! فقال الاصغر:
أتعرّقه يا أبت، ثم أدقه دقا، وأسفه سفا؟ قال: أنت صاحبه، وهو لك دونهم.
[الثوري]
وقال عمرو بن بحر الجاحظ: كان ابو عبد الرحمن الثوري يعجبه الرءوس ويصفها، وكان يسمّي الرأس عرسا لما فيه من الالوان الطيبة، وربما سماه الكامل والجامع؛ ويقول: الرأس شيء واحد، وهو ذو الوان عجيبة وطعوم مختلفة، والرأس فيه الدماغ، وطعمه مفرد، وفيه العينان، وطمعمهما مفرد، والشحمة التي بين أصل الاذن ومؤخر العين، وطعمها مفرد، على أن هذه الشحمة خاصة أطيب من المخ، وأرطب من الزبد، وأدسم من السلاء؛ وفي الرأس اللسان، وطعمه مفرد، والخيشوم، والغضروف، ولحم الخدين، وكل شيء من هذه طعمه مفرد؛ والرأس سيد البدن،