وكان الأوقص المخزومي قاضيا بمكة، فما رؤى مثله في عفافه وزهده؛ فقال يوما لجلسائه: قالت لي أمي: يا بني، إنك خلقت خلقة لا تصلح معها لمجامعة الفتيان عند القيان؛ فعليك بالدين؛ فإن الله يرفع به الخسيسة، ويتم به النقيصة، فنفعني الله تعالى بكلامها وأطعتها فوليت القضاء.
[بين ابن واسع وابن دينار:]
الفضيل بن عياض قال: اجتمع محمد بن واسع ومالك بن دينار في مجلس بالبصرة، فقال مالك بن دينار: ما هو إلا طاعة الله أو النار. فقال محمد بن واسع ما هو كما تقول، ليس إلا عفو الله أو النار. قال مالك: صدقت. ثم قال مالك: إنه يعجبني أن يكون للرجل معيشة قدر ما يقوته. قال محمد بن واسع: ما هو إلا كما تقول، ولكن يعجبني أن يصبح الرجل وليس له غداء، ويمسي وليس له عشاء، وهو مع ذلك راض عن الله عز وجل. قال مالك: ما أحوجني إلى أن يعلمني مثلك.
[لابن مهدي في بعض العباد:]
جعفر بن سليمان قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما رأيت أحدا أقشف «١» من شعبة، ولا أعبد من سفيان الثوري، ولا أحفظ من ابن المبارك. وما أحب أن ألقى الله بصحيفة أحد إلا بصحيفة بشر بن منصور، مات ولم يدع قليلا ولا كثيرا.
[بشر بن منصور على فراش الموت:]
عبد الأعلى بن حماد قال: دخلت على بشر بن منصور وهو في الموت، فإذا به من السرور في أمر عظيم؛ فقلت له: ما هذا السرور؟ قال: سبحان الله! أخرج من بين الظالمين والباغين والحاسدين والمغتابين، وأقدم على أرحم الراحمين ولا أسر.