وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يكتب إلى أصحابه وأمراء جنوده: من محمد رسول الله إلى فلان.
وكذلك كانوا يكتبون إليه: يبدءون بأنفسهم، فممن كتب إليه وبدأ بنفسه أبو بكر، والعلاء بن الحضرمي، وغيرهما؛ وكذلك كتب الصحابة والتابعين؛ ثم لم تزل حتى ولى الوليد بن عبد الملك، فعظم الكتاب وأمر أن لا يكاتبه الناس بمثل ما يكاتب به بعضهم بعضا، فجرت به سنة الوليد إلى يومنا هذا، إلا ما كان من عمر بن عبد العزيز ويزيد الكامل، فإنهما عملا بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم رجع الأمر إلى رأي الوليد، والقوم عليه إلى اليوم.
[ختم الكتاب وعنوانه]
[سبب ذلك:]
وأما ختم الكتاب وعنوانه فإن الكتب لم تزل مشهورة غير معنونة ولا مختومة حتى كتبت صحيفة المتلمس، فلما قرأها ختمت الكتب وعنونت؛ وكانت يؤتى بالكتاب فيقال: من عني به؟ فسمى عنوانا.
وقال حسان بن ثابت في قتل عثمان:
ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به ... يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا «١»
وقال آخر:
وحاجة دون أخرى قد سمحت بها ... جعلتها للذي أحببت عنوانا
وقال أهل التفسير في قول الله تعالى: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ