ولقد أقول لحاجب نصحا له ... خلّ العروض وبع أرضا «١»
إني رأيت الأرض يبقى نفعها ... والمال يأكل بعضه بعضا
واحذر أناسا يظهرون محبّة ... وعيونهم وقلوبهم مرضى
حتى إذا أمكنتهم من فرصة ... تركوا الخداع وأظهروا البغضا
[تدبير المال]
قالوا: لا مال لأخرق «٢» ، ولا عيلة على مصلح، وخير المال ما أطعمك لا ما أطعمته.
وقال صاحب كليلة ودمنة: لينفق ذو المال ماله في ثلاثة مواضع: في الصدقة إن أراد الآخرة: وفي مصانعة السلطان إن أراد الذكر؛ وفي النساء إن أراد نعيم العيش.
وقال: إن صاحب الدنيا يطلب ثلاثة ولا يدركها إلا بأربعة؛ فأما الثلاثة التي يطلب: فالسّعة في المعيشة، والمنزلة في الناس، والزاد إلى الآخرة، وأما الرابعة التي تدرك بها هذه الثلاثة: فاكتساب المال من أحسن وجوهه، وحسن القيام عليه، ثم التّثمير له، ثم إنفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضي الأهل والإخوان ويعود في الآخرة نفعه. فإن أضاع شيئا من هذه الأربعة لم يدرك شيئا من هذه الثلاثة. إن لم يكتسب لم يكن له مال يعيش به؛ وإن كان ذا مال واكتساب ولم يحسن القيام عليه يوشك أن يفنى ويبقى بلا مال، وإن هو أنفقه ولم يثمّره لم تمنعه قلة الإنفاق من سرعة النفاد.
كالكحل الذي إنما يؤخذ منه على الميل مثل الغبار، ثم هو مع ذلك سريع نفاده. وإن هو اكتسب وأصلح وثمّر ولم ينفق الأموال في أبوابها؛ كان بمنزلة الفقير الذي لا مال له، ثم لا يمنع ذلك ماله من أن يفارقه ويذهب حيث لا منفعة فيه؛ كحابس الماء