والكتابة أشرف مراتب الدنيا بعد الخلافة، وهي صناعة جليلة تحتاج إلى آلات كثيرة.
وقال سهل بن هارون: الكتابة أول زينة الدنيا، التي إليها يتناهى الفضل، وعندها تقف الرغبة.
[ما يجوز في الكتابة وما لا يجوز فيها]
قال إبراهيم بن محمد الشيباني: إذا احتجت إلى مخاطبة الملوك، والوزراء، والعلماء، والكتّاب. والخطباء، والأدباء، والشعراء، وأوساط الناس وسوقتهم؛ فخاطب كلا على قدر أبّهته وجلالته، وعلوّه وارتفاعه، وفطنته؛ واجعل طبقات الكلام على ثمانية أقسام: منها الطبقات العلية أربع، والطبقات الأخر وهي دونها أربع. ولكل طبقة منها درجة، ولكلّ قسمة لا ينبغي للكاتب البليغ أن يقصر بأهلها عنها ويقلب معناها إلى غيرها.
فالحدّ الأول الطبقات العليا، وغايتها القصوى الخلافة، التي أجلّ الله قدرها، وأعلى شأنها عن مساواتها بأحد من أبناء الدنيا في التعظيم والتوقير.
والطبقة الثانية لوزرائها وكتابها، الذين يخاطبون الخلفاء بعقولهم وألسنتهم، ويرتقون الفتوق بآرائهم.
الطبقة الثالثة أمراء ثغورهم وقواد جنودهم؛ فإنه يجب مخاطبة كل أحد منهم على قدره وموضعه وحظه، وغنائه وجزائه، واضطلاعه بما حمل من أعباء أمورهم، وجلائل أعمالهم.
والرابعة القضاة؛ فإنهم وإن كان لهم تواضع العلماء، وجلية الفضلاء، فمعهم أبهة السلطنة وهيبة الأمراء.