قريش؛ فقالوا لأبي جعفر: اجعل بيننا وبينه ابن أبي ذئب. فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب: ما تقول في بني فلان؟ قال: أشرار من أهل بيت أشرار. قالوا: اسأله يا أمير المؤمنين عن الحسن بن زيد. وكان عامله على المدينة. قال: ما تقول في الحسن بن زيد؟ قال: يأخذ بالإحنة «١» ويقضي بالهوى. فقال الحسن: يا أمير المؤمنين، والله لو سألته عن نفسك لرماك بداهية أو وصفك بشّر، قال: ما تقول فيّ؟ قال: أعفني.
قال: لا بدّ أن تقول. قال: لا تعدل في الرعية، ولا تقسم بالسويّة. قال: فتغير وجه أبي جعفر. فقال ابراهيم بن يحي بن محمد بن علي صاحب الموصل: طهّرني بدمه يا أمير المؤمنين. قال: اقعد يا بنيّ، فليس في دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله طهور.
قال: ثم تدارك ابن أبي ذئب الكلام فقال: يا أمير المؤمنين، دعنا مما نحن فيه؛ بلغني أنّ لك ابنا صالحا بالعراق، يعني المهدي قال: أما إنك قلت ذلك، إنه الصّوام القوّام البعيد ما بين الطرفين «٢» قال: ثم قام ابن أبي ذئب فخرج، فقال أبو جعفر: أما والله ما هو بمستوثق العقل، ولقد قال بذات نفسه.
قال الاصمعي: ابن أبي ذئب، من بني عامر بن لؤي، من أنفسهم.
[المأمون والحارث بن مسكين]
: قال: ودخل الحارث بن مسكين على المأمون فسأله عن مسألة فقال: أقول فيها كما قال مالك بن أنس لأبيك هارون الرشيد، وذكر قوله فلم يعجب المأمون. فقال: لقد تيّست فيها وتيّس مالك. قال الحارث بن مسكين: فالسامع يا أمير المؤمنين من التّيسين أتيس؛ فتغيّر وجه المأمون. وقام الحارث بن مسكين فخرج وتندّم على ما كان من قوله، فلم يستقرّ في منزله حتى أتاه رسول المأمون، فأيقن بالشر ولبس ثياب أكفانه؛ ثم أقبل حتى دخل عليه، فقرّبه المأمون من نفسه، ثم أقبل عليه بوجهه فقال له: يا هذا، إن الله قد أمر من هو خير منك بإلانة القول لمن هو شرّ مني، فقال