ومن بني عديّ: عمر بن الخطاب، وكانت إليه السفارة في الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا إذا وقعت بينهم وبين غيرهم حرب، بعثوه سفيرا، وإن نافرهم حيّ لمفاخرة جعلوه منافرا ورضوا به.
ومن بني جمح: صفوان بن أمية، وكانت إليه الأيسار، وهي الأزلام؛ فكان لا يسبّق بأمر عامّ حتى يكون هو الذي يتّسرون على يديه.
ومن بني سهم: الحرث بن قيس، وكانت إليه الحكومة والأموال المحجرة التي سمّوها لآلهتهم.
فهذه مكارم قريش التي كانت في الجاهلية، وهي؛ السقاية، والعمارة، والعقاب، والرفادة، والسّدانة، والحجابة، والندوة، واللواء، والمشورة، والأشناق، والقبة، والأعنة، والسفارة، والأيسار، والحكومة، والأموال المحجرة- إلى هؤلاء العشرة من هذه البطون العشرة على حال ما كانت في أوّليتهم، يتوارثون ذلك كابرا عن كابر؛ وجاء الإسلام فوصل ذلك لهم؛ وكان كل شرف من شرف الجاهلية أدركه الإسلام فوصله، فكانت سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام وحلوان النفر في بني هاشم.
فأما السقاية فمعروفة، وأما العمارة فهو ألّا يتكلم أحد في المسجد الحرام بهجر ولا رفث ولا يرفع فيه صوته، وكان العباس ينهاهم عن ذلك.
وأما حلوان النفر، فإن العرب لم تكن تملّك عليها في الجاهلية أحدا، فإن كان حرب أقرعوا بين أهل الرياسة، فمن خرجت عليه القرعة أحضروه، صغيرا كان أو كبيرا. فلما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني هاشم فخرج سهم العبّاس وهو صغير فأجلسوه على المجن.
[بين المأمون وأبي الطاهر]
أبو الطاهر أحمد بن كثير بن عبد الوهاب قال: حدّثني أبو ذكوان عن أحمد بن يزيد الأنطاكي أنه سمع المأمون يقول لأبي الطاهر الذي كان على البحرين: من أي قريش أنت؟ قال: من بني أسامة بن لؤي، فقال المأمون: ما سمعنا لأسامة ابن لؤي