قدم أعرابي من بني كنانة على معن بن زائدة وهو باليمن، فقال: إني والله ما أعرف سببا بعد الإسلام والرحم أقوى من رحلة مثلي من أهل السن والحسب إليك من بلاده، بلا سبب ولا وسيلة إلا دعاءك إلى المكارم، ورغبتك في المعروف؛ فإن رأيت أن تضعني من نفسك بحيث وضعت نفسي من رجائك فافعل. فوصله وأحسن إليه.
[لأعرابي]
: الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: وقف أعرابي على قوم فقال: إنا- رحمكم الله- أبناء سبيل، وأنضاء طريق وفلّال «١» سنة؛ رحم الله امرأ أعطى عن سعة، وواسى من كفاف. فأعطاه رجل درهما، فقال: آجرك الله من غير أن يبتليك.
[لآخر]
: ووقف أعرابي بقوم فقال: يا قوم، تتابعت علينا سنون جماد شداد، لم يكن للسماء فيها رجع، ولا للأرض فيها صدع، فنضب العدّ، ونشف الوشل، وأمحل الخصب، وكلح الجدب، وشف المال، وكسف البال، وشظف المعاش، وذهب الرياش؛ وطرحتني الأيام إليكم غريب الدار، نائي المحل، ليس لي مال أرجع إليه، ولا عشيرة ألحق بها؛ فرحم الله امرأ رحم اغترابي، وجعل المعروف جوابي.
[المهدي في الطواف:]
خرج المهدي يطوف بعد هدأة من الليل، فسمع أعرابية من جانب المسجد وهي تقول: قوم معوزون، نبت عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضتهم السنون؛ باد