السحاب أثقالها، وجرّت بها الرياح أذيالها.
وذكر أعرابي رجلا تغيرت حاله، فقال: طويت صحيفته وذهب رزقه، فالبلاء مسرع إليه، والعيش عنه قابض كفّيه.
وذكر أعرابي رجلا ضاق عيشه بعد سعة، فقال: كان والله في ظل عيش ممدود، فقدحت عليه من الدهر زند عين كابية الزند.
الأصمعي قال: أنشدني العقيل لأعرابية ترثي ابنها:
ختلته المنون بعد اختيال ... بين صفّين من قنا ونصال
في رداء من الصفيح صقيل ... وقميص من الحديد مذال «١»
كنت أخباك لاعتداء يد الدهر ولم تخطر المنون ببالي وقال أعرابي يرثي ابنه:
دفنت بكفي بعض نفسي فأصبحت ... وللنّفس منها دافن ودفين
وقال أعرابي: إن الدنيا تنطق بغير لسان فتخبر عما يكون بما قد كان.
خرج أعرابي: هاربا من الطاعون؛ فبينا هو سائر إذ لدغته أفعى فمات، فقال فيه أبوه:
طاف يبغي نجوة ... من هلاك فهلك
ليت شعري ضلّة ... أيّ شيء قتلك
والمنايا رصد ... للفتى حيث سلك
كلّ شيء قاتل ... حين تلقى أجلك
وذكر أعرابي بلدا فقال: بلد كالتّرس «٢» ، ما تمشي فيه الرياح إلا عابرات سبيل، ولا يمر فيها السّفر إلا بأدلّ دليل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute