وقيل لأعرابي قد أخذته السن: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت تقيّدني الشعرة، وأعثر في البعرة «١» ؛ قد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره.
وقال أعرابي: لقد كنت أنكر البيضاء فصرت أنكر السوداء، فيا خير مبدول ويا شرّ بدل! وقال أعرابي:
إذا الرجال ولدت أولادها ... وجعلت أسقامها تعتادها
واضطربت من كبر أعضادها ... فهي زروع قد دنا حصادها
وذكر أعرابي قطيعة بعض إخوانه، فقال: صفرت «٢» عياب الودّ بعد امتلائها واكفهرت وجوه كانت بمائها؛ فأدبر ما كان مقبلا، وأقبل ما كان مدبرا.
وذكر أعرابي منزلا باد أهله، فقال: منزل والله رحلت عنه ربات الخدور وأقامت فيه أثافيّ «٣» القدور، وقد اكتسى بالنبات كأنما ألبس الحلل؛ وكان أهله يعفّون فيه آثار الرياح، وأصبحت الريح تعفّي آثارهم فالعهد قريب والملتقى بعيد.
ذكر أعرابي قوما تغيرت أحوالهم، فقال: أعين والله كحلت بالعبرة بعد الحبرة «٤» ، وأ نفس لبست الحزن بعد السرور.
وذكر أعرابي قوما تغيرت حالهم، فقال: كانوا والله في عيش رقيق الحواشي فطواه الدهر بعد سعة، حتى يبست أبدانهم من القر، ولم أر صاحبا أغرّ من الدنيا، ولا ظالما أغشم من الموت؛ ومن عصف به الليل والنهار أردياه، ومن وكل به الموت أفناه.
وقف أعرابي على دار قد باد أهلها، فقال: دار والله معتصرة للدموع، حطت بها