أقبل على أبيّ فقال: هذا ما قلت لك قال: فأوص بنا. فخرج يخط برجليه حتى صار على المنبر ثم قال:
يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار كما هي لا تزيد، ألا وإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي من أمرهم شيئا فليقبل من محسنهم ويعف عن مسيئهم.
ثم دخل، فلما توفي، قيل لي: هاتيك الأنصار مع سعد بن عبادة يقولون: نحن أولى بالأمر. والمهاجرون يقولون: لنا الأمر دونكم! فأتيت أبيا فقرعت بابه، فخرج إليّ ملتحفا، فقلت: ألا أراك قاعدا ببيتك مغلقا عليك بابك، وهؤلاء قومك في بني ساعدة ينازعون المهاجرين، فأخرج إلى قومك فخرج، فقال:
إنكم والله ما أنتم من هذا الأمر في شيء، وإنه لهم دونكم؛ يليها من المهاجرين رجلان، ثم يقتل الثالث، وينزع الأمر فيكون ههنا- وأشار إلى الشام- وإن هذا الكلام لمبلول بريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم أغلق بابه ودخل.
ومن حديث حذيفة قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: «إنّي لا أدري ما بقائي فيكم؛ فاقتدوا باللذين من بعدي- وأشار إلى أبي بكر وعمر- واهتدوا بهدى عمّار، وما حدثكم ابن مسعود فصدّقوه.
[الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر]
عليّ، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة! فخرج علي حتى دخل على أبي بكر فبايعه، فقال له أبو بكر:
أكرهت إمارتي؟ فقال: لا، ولكني آليت أن لا أرتدي بعد موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم