نفسي، فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر. فما ترك كلمة كنت زوّرتها في نفسي إلا تكلم بها، وقال:
نحن المهاجرون؛ أوّل الناس إسلاما، وأكرمهم أحسابا، وأوسطهم دارا، وأحسنهم وجوها، وأمسّهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم رحما؛ وأنتم إخواننا في الإسلام، وشركاؤنا في الدين، نصرتم وواسيتم، فجزاكم الله خيرا؛ فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تدين العرب إلا لهذا الحيّ من قريش، فلا تنفسوا على إخوانكم المهاجرين ما فضّلهم الله به؛ فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الأئمة من قريش. وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين. يعني عمر بن الخطاب، وأبا عبيدة بن الجراح.
فقال عمر: يكون هذا وأنت حي؟ ما كان أحد ليؤخّرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ثم ضرب على يده فبايعه، وبايعه الناس وازدحموا على أبي بكر، فقال الأنصار:
قتلتم سعدا! فقال عمر: اقتلوه قتله الله فإنه صاحب فتنة! فبايع الناس أبا بكر، وأتوا به المسجد يبايعونه، فسمع العباس وعلى التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال علي: ما هذا؟ قال العباس: ما رؤي مثل هذا قط ما قلت لك.
ومن حديث النعمان بن بشير الأنصاري: لما ثقل رسول الله صلّى الله عليه وسلم تكلم الناس فيمن يقوم بالأمر بعده، فقال قوم: أبو بكر، وقال قوم: أبي بن كعب. قال النعمان بن بشير: فأتيت أبيا فقلت: يا أبيّ، الناس قد ذكروا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستخلف أبا بكر أو إياك، فانطلق حتى تنظر في هذا الأمر، فقال: إن عندي في هذا أمر من رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئا ما أنا بذاكره حتى يقبضه الله إليه. ثم انطلق وخرجت معه حتى دخلنا على النبي صلّى الله عليه وسلم بعد الصبح، وهو يحسو حسوا في قطعة مشعوبة «١» ، فلما فرغ