: ومن البخلاء هشام بن عبد الملك: قال خالد بن صفوان: دخلت على هشام فأطرفته وحدثته، فقال: سل حاجتك. فقلت: يا أمير المؤمنين، تزيد في عطائي عشرة دنانير. فأطرق حينا وقال: فيم؟ ولم؟ وبم؟ ألعبادة أحدثتها أم لبلاء حسن أبليته في أمير المؤمنين؟ ألا لا يا ابن صفوان، ولو كان لكثر السؤال ولم يحتمله بيت المال! فقلت: وفقك الله يا أمير المؤمنين وسدّد؛ فأنت والله كما قال أخو خزاعة:
إذا المال لم يوجب عليك عطاءه ... صنيعة قربى أو صديق توافقه
منعت وبعض المنع حزم وقوّة ... ولم يستلبك المال إلا حقائقه
قيل لخالد بن صفوان: ما حملك على تزيين البخل له؟ قال: أحببت أن يمنع غيري فيكثر من يلومه.
وخرج هشام بن عبد الملك متنزها ومعه الأبرش الكلبي، فمر براهب في دير، فعدل إليه، فأدخله الراهب بستانا له، وجعل يجتني له أطايب الفاكهة؛ فقال له هشام: يا راهب؛ بعني بستانك! فسكت عنه الراهب، ثم أعاد عليه، فسكت عنه؛ فقال له: مالك لا تجيبني؟ فقال: وددت أن الناس كلهم ماتوا غيرك! قال: لماذا ويحك؟ قال: لعلك أن تشبع! فالتفت هشام إلى الأبرش فقال: أما سمعت ما قال هذا؟ قال: والله إن لقيك حرّ غيره.
[من بخل ابن الزبير]
: ومن البخلاء عبد الله بن الزبير، وكانت تكفيه أكلة لأيام، ويقول: إنما بطني شبر في شبر، فما عسى أن تكفيه أكلة.
وقال فيه أبو وجرة مولى الزبير:
لو كان بطنك شبرا قد شبعت وقد ... أبقيت فضلا كبيرا للمساكين
فإن تصبك من الأيام جائحة ... لم نبك منك على دنيا ولا دين