وأفرط، فقال له هارون: ألم أنهك عن مثل هذا في مدحك يا أخا بني أسد؟ إذا قلت فينا فقل كقول القائل في أب هذا:
بنو مطر يوم اللقاء كأنهم ... أسود لها في غيل خفّان أشبل «١»
هم يمنعون الجار حتّى كأنّما ... لجارهم بين السّماكين منزل «٢»
بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن ... كأوّلهم في الجاهليّة أوّل
وما يستطيع الفاعلون فعالهم ... وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
[ومنهم خالد بن عبد الله القسري]
وهو الذي يقول فيه الشاعر:
... إلى خالد حتى أنخن بخالد ... فنعم الفتى يرجى ونعم المؤمّل
بينا خالد بن عبد الله القسري جالس في مظلة له، إذ نظر إلى أعرابي يخب «٣» به بعيره مقبلا نحوه؛ فقال لحاجبه. إذا قدم فلا تحجبه. فلما قدم أدخله عليه، فسلّم وقال:
أصلحك الله قلّ ما بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا
أناخ دهر ألقى بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا «٤»
فقال خالد: أرسلوك وانتظروا؟ والله لا تنزل حتى تنصرف إليهم بما يسرّهم.
وأمر له بجائزة عظيمة وكسوة شريفة.
ومنهم عديّ بن حاتم
دخل عليه ابن دارة فقال: إني مدحتك. قال: أمسك حتى آتيك بمالي ثم امدحني على حسبه، فإني أكره ألا أعطيك ثمن ما تقول، لي ألف شاة، وألف درهم، وثلاثة