فقال المأمون: ما أسرع ما آمنت به! قال: وأنت يا أمير المؤمنين ما أهون عليك أن تتناول امرأتي على فراشك! فضحك المأمون وأطلقه.
[أخبار الممرورين والمجانين]
[من أخبار عليان]
: قال أبو الحسن: كان بالبصرة ممرور يقال له عليان بن أبي مالك، وكانت العلماء تستنطقه لتسمع جوابه وكلامه، وكان راوية للشعر بصيرا بجيده؛ فذكر عن عبد الله ابن إدريس صاحب الحديث.
قال [ابن إدريس] : أخرجه الصبيان مرة حتى هجم علينا في الدار؛ فقال لي الخادم: هذا عليان قد هجم علينا، والصبيان في طلبه. فقلت: ادفع الباب في وجوه الصبيان، وأخرج إليه طعاما وطبقا عليه رطب مشان «١» وملبقات «٢» وأرغفة. فلما وضعه بين يديه حمد الله وأثنى عليه، وقال: هذا رحمة الله- وأشار إلى الطعام- كما أن أولئك من عذاب الله- وأشار إلى الصبيان- ثم جعل يأكل والصبيان يرجمون الباب، وهو يقول: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ
«٣» ! قال: ابن إدريس: فلما انقضى طعامه قلت له يا عليان، مالك تروي الشعر ولا تقوله؟ قال: إني كالمسنّ: أشحذ ولا أقطع! وكان بصيرا بالشعر، فقلت:
أي بيت تقوله العرب أشعر؟ قال: البيت الذي لا يحجب عن القلب. قلت: مثل ماذا؟ قال: مثل قول جميل:
ألا أيّها النّوّام ويحكم هبّوا ... أسائلكم: هل يقتل الرجل الحبّ؟
قال: فأنشد النصف الأول بصوت ضعيف، وأنشد النصف الآخر بصوت رفيع؛