للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وامش الدبيب إذا مشيت لحاجة ... حتى تصيب وديعة ليتيم «١»

وقال بعض الظرفاء:

أظهروا واللَّه سمتا ... وعلى المنقوش داروا «٢»

وله صلّوا وصاموا ... وله حجّوا وزاروا

لو يرى فوق الثّريّا ... ولهم ريش لطاروا!

فهؤلاء المراءون بأعمالهم، العاملون للناس والتاركون للناس، هم شرار الخلق وأراذل البرية.

وقد فضل شربة النبيذ عليهم بإرسال الأنفس على السجية، وإظهار المروءة ولست أصف بهذا منهم إلا دينا، فليس في الناس صنف إلا ولهم حشو.

[ومن احتجاج المحلين للنبيذ]

ما رواه مالك بن أنس في موطئه من حديث أبي سعيد الخدري: أنه قدم من سفر فقدّم إليه لحم من لحوم الأضاحي، فقال: ألم يكن رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم نهاكم عن هذا بعد ثلاثة أيام؟ فقالوا: قد كان بعدك من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فيها أمر. فخرج إلى الناس فسألهم، فأخبروه أن رسول اللَّه قال: «كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، فكلوا وادّخروا وتصدقوا؛ وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الدباء والمزفّت، فانتبذوا وكل مسكر حرام؛ وكنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها ولا تقولوا هجرا» . والحديثان صحيحان، رواهما مالك بن أنس وأثبتهما في موطئه، وإنما هو ناسخ ومنسوخ؛ وإنما كان نهيه أن ينتبذ في الدباء والمزفت، نهيا عن النبيذ الشديد؛ لأن الأشربة فيهما تشتد؛ ولا معنى للدباء والمزفت غير هذا. وقوله بعد هذا: «كنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا، وكل مسكر حرام» - إباحة لما كان حظر عليهم من النبيذ الشديد. وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «كل مسكر حرام» ، ينهاكم بذلك أن تشربوا حتى