للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل على صحة هذا المعنى وصدق هذا القياس، أن كثيّر عزة والكميت بن زيد كانا شيعيّين غاليين، في التشيّع، وكانت مدائحهما في بني امية أشرف وأجود منها في بني هاشم، وما لذلك علة الا قوة أسباب الطمع.

وقيل لكثير عزة: يا أبا صخر، كيف تصنع إذا عسر عليك الشعر؟ قال: أطوف في الرباع «١» المحيلة والرياض المعشبة، فإن نفرت عنك القوافي وأعيت عليك المعاني، فروّح قلبك، وأجمّ ذهنك، وارتصد لقولك فراغ بالك وسعة ذهنك، فإنك تجد في تلك الساعة ما يمتنع عليك يومك الأطول وليلك الأجمع.

[من رفعه المدح ووضعه الهجاء]

[جرير وابنه]

قال بلال بن جرير: سألت أبي جريرا فقلت له: إنك لم تهج قوما قط الا وضعتهم غير بني لجأ! قال: يا بني إني لم أجد شرفا فأضعه، ولا بنأ فأهدمه.

وقد يكون الشيء مدحا فيجعله الشعر ذمّا، ويكون ذما فيجعله الشعر مدحا.

قال حبيب الطائي في هذا المعنى:

ولولا خلال سنّها الشّعر مادري ... بغاة العلا من أين تؤتى المكارم

يرى حكمة ما فيه وهو فكاهة ... ويقضى بما يقضي به وهو ظالم

ألا ترى إلى بني عبد المدان الحارثيين كانوا يفخرون بطول أجسامهم وقديم شرفهم حتى قال فيهم حسان بن ثابت:

لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ ... جسم البغال وأحلام العصافير «٢»

فقالوا له: والله يا أبا الوليد لقد تركتنا ونحن نستحي من ذكر اجسامنا بعد ان كنا نفخر بها! فقال لهم: سأصلح منكم ما أفسدت، فقال فيهم: