وهل يستعيض المرء من خمس كفّه ... ولو صاغ من حرّ اللّجين بنانها «١»
وقال أعرابي يرثي امرأته:
فو الله ما أدري إذا الليل جنّني ... وذكرنيها أيّنا هو أوجع
أمنفصل عنه ثرى أم كريمة ... أم العاشق النابي به كلّ مضجع
وقال محمود الورّاق يرثي جاريته نشو:
ومنتصح يردّد ذكر نشو ... على عمد ليبعث لي اكتئابا
أقول- وعدّ- ما كانت تساوي ... سيحسب ذاك من خلق الحسابا
عطيّته إذا أعطى سرور ... وإن أخذ الذي أعطى أثابا
فأيّ النّعمتين أعم نفعا ... وأحسن في عواقبها إيابا
أنعمته التي أهدت سرورا ... أم الأخرى التي أهدت ثوابا
بل الأخرى وإن نزلت بحزن ... أحقّ بشكر من صبر احتسابا
[محب وجارية له ماتت:]
أبو جعفر البغدادي قال: كان لنا جار، وكانت له جارية جميلة، وكان شديد المحبة لها؛ فماتت، فوجد عليها وجدا شديدا، فبينما هو ذات ليلة نائم، إذ أتته الجارية في نومه فأنشدته هذه الأبيات:
جاءت تزور وسادي بعد ما دفنت ... في النوم ألثم خدا زانه الجيد
فقلت قرّة عيني قد نعيت لنا ... فكيف ذا وطريق القبر مسدود
قالت هناك عظامي فيه ملحدة ... تنهش منها هوام الأرض والدود «٢»
وهذه النفس قد جاءتك زائرة ... فاقبل زيارّة من في القبر ملحود
فانتبه وقد حفظها، وكان يحدّث الناس بذلك وينشدهم. فما بقي بعدها إلا أياما يسيرة حتى لحق بها.