تركك ذلك؛ ثقة بك؛ لقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وموضعك الذي وضعك الله فيه. قال: فإني أفعل! فبايع محمدا وخلع أبا جعفر، وبايعه سلم من بعده، وأخذ كتبه وكتب إبراهيم ومحمد، فخرج فقدم على أبي جعفر وقد حضر الموسم، فأخبره بحقيقة الأمر ويقينه.
فلما دخل أبو جعفر المدينة، أرسل إلى بني الحسن فجمعهم، وقال لسلم: إذا رأيت عبد الله عندي فقم على رأسي وأشر إليّ بالسلاح، ففعل، فلما رآه عبد الله سقط «١» في يده وتغيّر وجهه، قال له أبو جعفر: مالك أبا محمد؟ أتعرفه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، فأقلني وصلتك رحم! فقال له أبو جعفر: هل علمت أنك تعرف موضع ولديك، وأنه لا عذر لك؟ وقد باح السر؛ فأظهرهما لي، ولك أن أصل رحمك ورحمهما، وأن أعظم ولا يتهما، وأعطى كلّ واحد منهما ألف ألف درهم، فتراجع عبد الله حتى انكفأ «٢» على ظهره، وبنو حسن اثنا عشر رجلا، فأمر بحبسهم جميعا.
وخرج أبو جعفر فعسكر من ليلته على ثلاثة أميال من المدينة، وعبّى «٣» على القتال، ولم يشكّ أن أهل المدينة سيقاتلونه في بني حسن، فعبّى ميمنة وميسرة وقلبا، وتهيأ للحرب، وأجلس في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم عشرين معطيا يعطون العطايا، فلم يتحرّك عليه منهم أحد ثم مضى بهم إلى مكة.
[كتاب أبي جعفر إلى محمد بن عبد الله:]
فلما انصرف أبو جعفر إلى العراق، خرج محمد بن عبد الله بالمدينة، فكتب إليه أبو جعفر:
من عبد الله أمير المؤمنين، إلى محمد بن عبد الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ