للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ابن سيار ومجنون]

: وقيل: وفد أعرابي من شعراء المجانين إلى نصر بن سيار بشعر تغزل فيه بمائة بيت، ومدحه ببيتين؛ فقال له: والله ما تركت قافية لطيفة ولا معنى إلا شغلت به نسيبك دون مدحك. قال: سأقول غير هذا. فغدا عليه بشعر يقول فيه:

هل تعرف الدار لأمّ الغمر ... دع ذا وحبّر مدحة في نصر «١»

فقال له نصر: لا ذا ولا ذاك.

وقال بعض العلماء: ما شبّهت تأويل الرافضة في قبح مذهبهم إلا بتأويل رجل من مجانين أهل مكة للشعر؛ فإنه قال: ما سمعت بأكذب من بني تميم؛ زعموا أن قول القائل:

بيت زرارة محتب بفنائه ... ومجاشع وأبو الفوارس نهشل «٢»

... زعموا أن هذه أسماء رجال منهم! قال بعض أهل الأدب: قلت له: وما عندك أنت فيه؟ قال: البيت بيت الله، وزرارة الحجر، ومجاشع زمزم جشعت بالماء، وأبو الفوارس هو أبو قبيس جبل مكة! قلت له: فنهشل؟ قال نهشل ... ؟ وفكر فيه ساعة، ثم قال: قد أصبته؛ وهو مصباح الكعبة طويل أسود؛ فذلك النهشل!

[من أخبار مجانين دير هزقل]

: قال المبرد محمد بن يزيد النحوي: خرجنا من بغداد نريد واسطا، فملنا إلى دير هزقل ننظر إلى المجانين، فإذا المجانين كلهم قد رأونا، ونظرنا إلى فتى منهم قد غسل ثوبه ونظفه وجلس ناحية عنهم؛ فقلنا: إن كان فهذا فوقفنا به، فسلمنا عليه فلم يردّ السلام؛ فقلنا له: ما تجد؟ فقال:

الله يعلم أنني كمد ... لا أستطيع أبثّ ما أجد «٣»