للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من سوء الاختيار]

ونظير هذا من سوء الاختيار، ما تخيّره أهل الحذق بالغناء والصانعون للألحان من الشعر القديم والحديث؛ فإنهم تركوا منه الذي هو أرق من الماء، وأصفى من الهواء؛ وكلّ مدني رقيق، قد غذي بماء العقيق، وغنّوا بقول الشاعر:

فلا أنسى حياتي ما ... عبدت الله لي ربا

وقلت لها أنيليني ... فقالت تعرف الذّنبا! «١»

ولو تعلم ما بي لم ... تر الذنب ولا العتبا

وأقلّ ما كان يجب في هذا الشعر، أن يضرب قائله خمسمائة، وصانعه أربعمائة، والمغنّي به ثلاثمائة، والمصغي إليه مائتين! ومثله:

كأنها الشمس إذا ما بدت ... تلك التي قلبي لها يضرب

تلك سليماي إذا ما بدت ... ومن أنا في ودّها أرغب

كأنّ في النفس لها ساحرا ... ذاك الذي علمه المذهب

يعني المذهب الحبي ومثله:

يا خليلي، أنتما عللاني ... بين كرم مزهر وجنان

خبّراني أين حلت منايا ... يا عباد الله لا تكتماني

إنما حلت بواد خصيب ... ينبت الورس مع الزعفران «٢»

حلفا بالله لو وجداني ... غرقا في البحر ما أنقذاني

ومثله:

أبصرت سلمى من منى ... يوما فراجعت الصّبا

يا درّة البحر متى ... تشهد سوقا يشترى

ومثله:

يا معشر الناس هذا ... أمر وربّي شديد

لا تعنفي يا فلانه ... فإنّني لا أريد