ثم قطع إليه البعوث «١» وأمر لهم بالعطاء: فلم ينقص عطاؤه حتى مات يزيد.
ولما بلغ مروان أن يزيد قطع البعوث إليه كتب ببيعته، وبعث وفدا عليهم سليمان ابن علاثة العقيلي، فخرج، فلما قطعوا الفرات لقيهم بريد بموت يزيد، فانصرفوا إلى مروان. والله أعلم.
[ولاية إبراهيم بن الوليد المخلوع]
العلاء بن يزيد بن سنان قال: حدّثني أبي قال: حضرت يزيد بن الوليد حين حضرته الوفاة، فأتاه قطن فقال: أنا رسول من وراء بابك، يسألونك بحق الله لو وليت أمرهم أخاك إبراهيم بن الوليد! فغضب وضرب بيده على جبهته وقال: أنا أولّي إبراهيم؟ ثم قال لي: يا أبا العلاء، إلى من ترى أن أعهد؟ قلت أمر نهيتك عن الدخول في أوله، فلا أشير عليك في الدخول في آخره. قال: فأصابته إغماءة حتى ظننت أنه قد مات، ففعل ذلك غير مرة، ثم خرجت من عنده.
فقعد قطن وافتعل عهدا على لسان يزيد بن الوليد لإبراهيم بن الوليد، ودعا ناسا فأشهدهم عليه. قال: والله ما عهد إليه يزيد ولا إلى أحد من الناس.
وقال يزيد في مرضه لو كان سعيد بن عبد الملك قريبا مني لرأيت فيه رأيي.
وفي رواية أبي الحسن المدائني، قال: لما مرض يزيد قيل له: لو بايعت لأخيك إبراهيم ولعبد العزيز بن الحجاج بعده! فقال له قيس بن هانيء العبسي: اتق الله يا أمير المؤمنين وانظر نفسك وأرض الله في عباده، فاجعل وليّ عهدك عبد الملك بن عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك. فقال يزيد: لا يسألني الله عن ذلك، ولو كان سعيد بن عبد الملك مني قريبا لرأيت فيه رأيي! ... وكان يزيد يرى رأى القدرية «٢» ويقول بقول غيلان، فألحت القدرية عليه وقالوا: لا يحل لك إهمال أمر الأمّة، فبايع